سلاح اللقاح يحاصر عدوك

كر وفر وإنذار مبكر ومقاومة مسلحة

محمد هاني عطوي

إذا أردت أن تعرف العدو, فمن الأفضل أن تتعرف اليه, ذلك هو المبدأ الذي يعمل من خلاله اللقاح, فعندما يحقن في جسدنا ميكروب معين, فإن جسدنا يتعرف إليه ويجرب أسلحته في محاولة للقضاء عليه, وعندما يتعرض الجسم البشري للاصابة بهذا الميكروب مرة أخرى, فإن وسائل دفاعه تكون أكثر فاعلية وفتكاً به وأشد سرعة في القضاء عليه.

وعملية ادخال الميكروب الى الجسم لا تعني تعريضه للمرض في حالته الطبيعية, بل تتعلق المسألة يتحول الميكروب الى جسم غير فعال, لتعويد الجسم على التعرف إليه, إما عن طريق سمه أو من خلال قطع صغيرة من خلاياه.

وعندما يتم حقن الميكروب المقتول ((غير الفعال)), تبدأ الكريات البيضاء بالتحرك والتضاعف والتجهز لمواجهة العدو, ويبدأ البعض منها بإنتاج الأجسام المضادة التي تعمل على تصفية السم الصادر عن الميكروب, وتطلق صفارات الانذار لتعلم الكريات المجاورة التي تتأهب بدورها لتدمير العدو الدخيل.

ونتيجة هذه العمليات, ولدى دخول الميكروب الحقيقي الى الجسم, فإن عدداً كبيراً من الخلايا يتخذ مواقع هجومية أمامية لمواجهة العدو, لكن المشكلة الظاهرة في هذا الأمر, هي ان الكريات البيضاء تبدأ مع مرور الوقت بخفض حراستها ويقل عددها تدريجياً. وللمحافظة عليها في حالة اليقظة, يجب علينا انعاش ذاكرتها وذلك بإعادة حقن اللقاح بعد سنتين من تناول الجرعة الأولى بالنسبة لمرض الحصبة وأبو كعب والحميراء, وبعد عشر سنوات بالنسبة لمرض الدفتيريا والتيتانوس.

اللقاح لإنقاذ الحياة: وعندما يتجهز جسم الكائن الحي للدفاع عن نفسه, يقوم اللقاح بمنعه من الاصابة بالمرض, وبذلك يسهم اللقاح في المحافظة على حياة الناس, فعلى سبيل المثال بلغت اعداد الوفيات خلال الخمسينات من القرن الماضي ما بين 5 إلى 10 ملايين نسمة بسبب مرض شلل الأطفال, لكن لقاح هذا المرض انقذ حياة الكثيرين حتى أنه لم تسجل حالة وفاة واحدة حتى عام 1990, وكذلك الحال بالنسبة لمرض التيتانوس الذي قتل ما بين 20 الى 50 مليون نسمة سنوياً في السنوات الماضية, لكن مع اكتشاف لقاح هذا المرض , انخفضت نسبة الوفيات بشكل كبير جداً.

واليوم يلاحظ ان مرض الجدري اختفى نهائياً من العالم, ولو استمر الناس بتناول لقاح هذا المرض, فإنهم سينقذون حياة 4 ملايين نسمة من سكان العالم.

اللقاح نتاج المختبرات: يلجأ الخبراء الى زراعة الميكروبات في المختبرات للحصول على اللقاح المطلوب, فعلى سبيل المثال عند تعريض احد الميكروبات الى درجة حرارة تصل الى 100 درجة مئوية فإننا نحصل على لقاح ضد مرض الكوليرا. وفي حالات أخرى يلجأ البيولوجيون الى جعل بعض الميكروبات غير نشطة أو غير فعالة وذلك بإحداث تغيير في برنامجها الجيني باستخدام الأشعة فوق البنفسجية وهذا ما يحدث لنوع من البكتيريا العضوية الخاصة بمرض السل.

بيئتنا	دليلنا	علومنا	عالمنا
أسطورتنا	منوعاتنا	مكتبتنا	ديننا
موقعنا	حضارتنا	برامجنا	غرائبنا