|
|||
|
اختراعات وأفكار تغير وجه العالم الخلايا الجذعية ((ترمم)) الأعضاء البشرية المصدر: جريدة الخليج الإماراتية في صبيحة اول ايام شهر يناير من العام 2040, يتلقى أحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس مخابرة هاتفية من فريق رجال الإطفاء, تفيد بأن راكب دراجة نارية تعرض لحادث خطير على أحد الطرق الخارجية, الامر الذي أدى الى فقدانه لإحدى ساقيه. وعلى وجه السرعة, يقوم العاملون بتجهيز غرفة العمليات المتطورة التي تناسب عام 2040, وذلك لاستقبال المصاب مع ساقه المبتورة. وما ان يصل المصاب حتى تجرى له الاسعافات الأولية, بعد ان توضع الساق المبتورة في إناء فسيولوجي منتظم الحرارة. يذكر ان القانون الجديد الخاص بقيادة الدراجات النارية, يفرض على من يريد الحصول على رخصة قيادة, ان يترك في بنك الأنسجة عينة من خلاياه الجذعية, حيث يتم استخدامها في حالات كهذه. ومن الامور المهمة التي ستساهم في انجاح العمليات الجراحية الخطيرة, حقن المريض بمادة قوية جداً, لتعمل على تخدير الجزء الذي ستجرى فيه العملية, وفي هذه الحالة يمكن للمصاب مراقبة سير العملية طوال الوقت وحتى النهاية او يمكنه متابعة أحد الافلام التي يحبها من خلال قناع خاص يوضع فوق رأسه اذا كان لا يستطيع مشاهدة الطبيب الجراح المنهمك بساقه المبتورة. في هذه الأثناء, يقوم الفريق المساعد بتحضير جميع الأدوات والأجهزة التي ستساهم في تدعيم عملية نمو الانسجة الحية الموجودة في البنك, وبالطبع يكون الروبوت الطبي حاضراً لإتمام العملية, اما اذا حدثت أية تعقيدات, فإن الجراح, يطلب من استاذه الذي يتابع في سان فرانسيسكو سير العملية, التدخل والمساعدة وذلك عبر الأقمار الصناعية. ومن أكثر الامور أهمية في حالة الساق المبتورة,إعادة الدورة الدموية بين الساق والعضو المبتور وذلك عن طريق البدء بأكبر الأوعية الدموية التي تغذي العضو المبتور بالدم ثم الانتقال الى جميع الشرايين والأوردة الأخرى. ويقوم الطبيب خلال هذه العملية بنزع مشابك الفراء البيولوجي الذي يحافظ على توازن الدم في العروق ويمنع النزيف, ثم يقوم بتوصيل كل طرف من الأوعية الدموية المبتورة, بأنبوب ليّن مصنوع من مادة (البوليجيليكولات) وهي نوع من البلاستيك القابل للتسرب بسهولة. وفي خلال أسابيع عدة, تختفي هذه المادة بمجرد ان تبدأ خلايا الجدار الشرياني غير الناضجة, بالنمو على طول الأنبوب محولة إياه الى وعاء دموي جديد. لكي تنشط عملية تكاثر الخلايا , يقوم أحد خبراء الجيولوجيا بتغطية الأنابيب البلاستيكية بخلايا جذعية تابعة للمصاب نفسه بعد ان يتم الحصول عليها من بنك الأنسجة, وبعد هذه العملية, تبدأ الخلايا بالتكاثر والتضاعف لبناء الجدار الداخلي الحقيقي للوعاء الدموي. وانطلاقاً من هذه المرحلة تبدأ الخلايا الجديدة بالتضاعف والتخصص لتشكيل الجدار الخارجي للوعاء الدموي الجديد. عظم من السيراميك: بعد الإنتهاء من العملية السابقة المتمثلة بزرع الخلايا الجذعية, يلجأ الجراح الى اسطوانة مصنوعة من السيراميك المعقم المسامي اي المنفذ للسوائل, على شكل عظم الفخذ الذي انخلع خلال الحادث. ويقوم المختصون بإجراء بعض التغييرات الطفيفة على العظام المهشمة كي تتلاءم تماماً مع اسطوانة السيراميك المحتوية على برغي قابل للامتصاص اي انه يذوب في العظم بعد فترة, بفضل مادة ال (BMP) التي يطلقها حوله, وهذه الكلمة هي اختصار ل (Bone Morphogemic Protein) أو بروتين تشكل العظام وفي العادة تقوم الخلايا الدموية بإفراز هذه المادة لتنشيط عملية تصنيع العظام أثناء حدوث كسر ما, المعروف ان تأثير ال(BMP) لا يبقى لفترة طويلة, ولذا فمن الأهمية بمكان ان تستمر عملية الإفراز الداخلي لهذه المادة على مدى أسابيع عدة حتى تتم عملية تكوّن العظام. ولملء الفراغ الموجود بين الفخذ والساق والذي يصل لدى الشاب المصاب في الحادث الى 20 سنتيمتراً, يقوم الجراح بحقن هذه المنطقة بأكياس بلاستيكية قابلة للإمتصاص وتتلاءم مع جسم المصاب من الناحية البيولوجية, وتحتوي على خلايا جذعية عضلية. ومن المفترض ان تبدأ هذه الخلايا بالتكاثر والتضاعف لتكوين عضلات مشابهة للعضلات السابقة بشكل يحدث فيه ترابط بين طرفي الجزء المبتور. وعند الانتهاء من العملية يقوم الطبيب بوصل العضلات بالكترودات دقيقة جداً مع جهاز محفز صغير يضعه المريض معه طوال فترة نمو العضلات, ويتصل الجميع بجهاز كمبيوتر, يسهم بدوره في توجيه عملية نم الخلايا العضلية وتنظيمها لتصبح في ما بعد عضلات او أوتار. وعند الانتهاء من عملية إنبات العضلات, يبقى امام الجراحين, إنبات الأوتار العضلية والأعصاب من الخلايا الجذعية أيضاً, حيث يقوم هؤلاء بحقن جسم المريض بمادة ملتهمة للجراثيم وهي عبارة عن فيروس يقضي على عدد من البكتيريات, وهو تطور مدهش بالنسبة لذلك الوقت حيث يتم استبدال هذه المادة بالمضادات الحيوية التي كانت تستخدم قبل 40 سنة أو في العام 2000, إضافة إلى ذلك, يستخدم الاطباء مواداً محفزة لنمو الأعصاب وخلايا قادرة على منع التحام الأعصاب بشكل طبيعي حتى لا يتكون حائط يعمل على منع مرور التيار العصبي. ومن المفترض ان يتم تمرير التيار العصبي باستخدام قالب اصطناعي يوضع بين الجزء الذي لم يزل حياً من الأعصاب والطرف الاَخر المقطوع. يذكر أن كل عصب يتكون من عدد من الألياف العصبية أو ما يسمى بالمحاور العصبية المجتمعة مع بعضها على شكل حزم. والقالب الاصطناعي ليس سوى اسطوانة مثقبة يمثل كل ثقب فيها حزمة عصبية واحدة. ويملأ كل ثقب بخلايا النخاعين التي تعتبر في العادة بمثابة الجهاز الموجه للألياف العصبية. وإذا ما تابعت المحاور العصبية, القالب الاصطناعي المثقب الذي يبلغ طوله 20 سنتيمتراً, فإنها ستنمو وكأنها جذور نبتة زراعية, ويصل معدل نمو المحاور العصبية الى ملليمتر واحد في اليوم الواحد. ولقد استطاع العلماء اليوم إيصال هذه القيمة الى 5 سنتيمترات في الشهر بفضل الخلايا الدبقية المعدلة وراثياً. وتتوزع هذه الخلايا المغذية بين الحزم العصبية, وهي مبرمجة كي تقوم بإفراز مواد تسهل عملية نمو الأعصاب. تأهيل ثلاثي الأبعاد: من التطورات التي سيشهدها عالم الطب في عمليات دقيقة كهذه, ان الاطباء سيتمكنون من اجراء هذه العمليات ضمن بيئة ثلاثية الأبعاد لا تخلو من الخيال, فالمصاب سيرى نفسه يمشي ويقفز ويجري كما في الحقيقة تماماً. وليست هذه العملية مجرد خيال علمي فحسب, بل ستساهم عملية التأهيل ثلاثي الأبعاد في دفع المصاب الى التدرب على إرسال أوامر عصبية الى عضلات ساقيه حتى ولو لم تكن قادرة على التحرك. وستؤدي هذه التجربة في نهاية المطاف الى تحول الخيال الى حقيقة فالاستشارات العصبية التي سيتعوّد عليها المصاب يوماً بعد يوم, ستعمل بشكل فعال على تنمية الأنسجة العضلية والأوتار والعظام, كما ستسهم الى حد كبير في إنماء الاعصاب, وأخيراً وهو الاهم, ستؤدي عملية التأهيل ثلاثي الأبعاد الى إبقاء الدماغ في حالة يقظة تامة, وبشكل يتمكن من خلاله من إرسال اشاراته العصبية الى الطرف الاَخر للجسم. وفي نهاية المطاف لا يبقى على فريق الجراحين إلا لف الساق المرممة بطبقة بيولوجية واقية بانتظار النمو النهائي لقطعة الجلد الجديدة الموجودة في المختبر بعد أن قام أخصائيو البيولوجيا باسترزاع بعض الخلايا الجذعية المأخوذة من جسم المصاب نفسه. والواقع ان هذه القطعة ليست مجرد قطعة جلد عادية بل تحتوي على بعض الشعيرات تاصغيرة اضافة الى وجود طبقة اخرى من الأدمة (باطن الجلد الموجود تحت البشرة), للعمل على دعم المجموعة المكونة للجزء المرمم من الساق المصابة. |
ء |