شبكة روايات للحوار

حياتنا

تصفح واستمتع بباقي أقسام حياتنا

أقسام الموقع

بيئتنا

دليلنا

علومنا

عالمنا

أدبنا

منوعاتنا

منتدياتنا

ديننا

موقعنا

حضارتنا

برامجنا

غرائبنا

إقرأ اَخر المقالات المثيرة في حضارتنا

المقال

سكنها البشر قبل 11 ألف عام

أفاميا السورية..مسرح لحوار الحضارات

المصدر جريدة الخليج الإماراتية

دمشق – أسد علي حمدان

تقع مدينة أفاميا الأثرية في محافظة حماه إلى الشمال من مركز المدينة على بعد حوالي 30 كيلومتراً, على تلة قريبة جداً حوالي 100 متر من مجرى نهر العاصي. وموقع المدينة استراتيجي بكل معنى الكلمة عسكرياً وتجارياً واقتصادياً, فهو يشرف على سهل الغاب الزراعي من جهة ومن الجهة الأخرى على سهول سوريا الداخلية الشرقية, ويتحكم في طريق القوافل التجارية باتجاه انطاكية والساحل إلى اللاذقية, ويشكل من الناحية العسكرية نقطة انطلاق متقدمة وموقعاً محصناً في سوريا الداخلية يسيطر على طرق ومساحات استراتيجية ويشكل موقعاً دفاعياً منيعاً ضد هجمات الدول المجاورة.

يرجع العلماء الأثريون بداية سكن الموقع إلى العصر النيوليتي وهو بداية تحول الإنسان غلى حياة الاستقرار والزراعة, ويعود تأريخه المبكر إلى حوالي الألف التاسع قبل الميلاد, فقد وجدت أدوات زراعية بدائية في الموقع عبارة عن أزاميل ومكاشط ومناجل صوانية, ثم عثر على نقوش اكادية ومصرية تعود للألف الثالث والثاني قبل الميلاد, ثم ذكرها الفرعون تحوتمس الثالث في فتوحاته السورية في القرن التاسع عشر قبل الميلاد وفي القرن التاسع قبل الميلاد, وكانت المدينة مرتبطة بالمملكة الحيثية تحت اسم ((فرنكة)) ثم ارتبطت بالإمبراطورية الفارسية الأولى, وأصبحت بعد انتصار الاسكندر المقدوني على الملك الفرسي داريوس الثالث في معركة ((إيسوس)) عام 333 مركزاً لحامية مقدونية, كان اسمها ((بيلا)) وبعد موت الاسكندر اَلت المدينة مع القسم الشرقي من الإمبراطورية اليونانية إلى أحد قواد الاسكندر وهو سلومس نيكاتور, وهو الذي بنى على الهضبة عند سفح الأكروبول القديم مدينة أفاميا الجديدة, وأطلق عليها اسم زوجته الفارسية الأصل ((أباميا)) وكان لها دور الدور العسكري الرئيسي كمركز متقدم لبسط السيطرة السلوقية الواسعة وعلى طرق الحملات على مصر في وقت لاحق, وكانت مزدهرة ازدهاراً عظيماً وكبيراً في ذلك الوقت حتى وصل عدد سكانها إلى 117000 نسمة من الأحرار, وهذا يعني وجود أضعاف هذا العدد من غير الأحرار والذي يقدره المؤرخون ب500000 نسمة في حوالي القرن السادس الميلادي.

وتذكر النقوش والكتابات أن عدداً من أهم الشخصيات كانت قد مرت على هذه الحاضرة العظيمة اَنذاك مثل ((كليوباترة)) والإمبراطور سبتيمس سيفروس والإمبراطور كركلا, ونتيجة الإزدهار الاقتصادي في تلك الفترة انتشر تجار أفاميا في كافة أرجاء العالمين اليوناني والروماني, حيث تثبت النقوش وصولهم إلى حواضر بعيدة مثل ((رودوس وديلوس وفارنا وروما وسالونة وتريفس)).

سقطت المدينة في يد الملك الفارسي سايور سنة 256 وكانت أفاميا مركزاً للعبادة والاتصال بالإله زيوس, ثم مقراً للمدرسة الإفلاطونية الفلسفية اليونانية, ثم كانت مركز أسقفية مسيحية منذ بداية القرن الرابع الميلادي , وذلك بعد أن دمر الأسقف مركيلوس معبد الإله زيوس نحو عام 385, بعد ذلك أصبحت أفاميا عاصمة سوريا الثانية بعد انطاكية, واستمرت مزدهرة حتى القرن السادس الميلادي حيث دمرتها الزلازل سنتي 526 و 528, لكنها تجددت بسرعة كبيرة ولم يتوقف ازدهارها إلا بالاجتياح الفارسي وتعرضها للنهب والحرق حوالي 612, واستمرت تحت السيطرة الفارسية حتى عام 628 حيث استعادها الامبراطور البيزنطي ((هرقل)) لفترة وجيزة, ثم تراجع أمام الفتح العربي الإسلامي بعد معركة اليرموك الشهيرة التي جرت في شهر اَب سنة 636, واستقبلت المدينة الفتح الجديد من دون مقاومة, واستمرت المدينة بدورها المهم والاستراتيجي حتى القرن العاشر, حيث تم احتلالها من قبل الصليبيين ما بين عام 1106 و1149 ثم حررها عنوة السلطان نور الدين زنكي ثم تعرضت المدينة للزلازل مرة أخرى في عام 1157 و 1170 حيث دمرت المدينة الأساسية على الهضبة ولم يبق منها سوى القلعة المرتفعة ((قلعة المضيق)) التي كانت الحصن التابع لمدينة أفاميا على مر العصور والتي يعود بناؤها الحالي إلى القرن الثالث عشر الميلادي ثم كانت المدينة في العصر العثماني نقطة استراحة للقوافل والحجاج العثمانيين على طريق الحج من القسطنطينية إلى الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة, حيث يوجد فيها خان كبير ومسجد يعود بناؤه إلى القرن الرابع عشر الميلادي.

أفاميا أثارياً: تم اكتشاف موقع المدينة القديمة وتحديده تحديداً دقيقاً على يدي العالم ((طومسون)) سنة 1846 بعد ان كان يعتقد انه في موقع الحماه الحالية, ثم وضع كل من العالمين ((ساشو ونتلر)) ما بين عامي 1880 و1900 المخططات الشاملة للمدينة القديمة وفي عام 1907 اكتشفت العالمة ((جرتر ودبل)) مسرح أفاميا الكبير. بدأت التحريات والتنقيبات الأثرية الفعلية منذ عام 1928 على يد العالم كومون الذي اكتشف مدينة ((دورا اوريوس)) القديمة في موقع الصالحية على الفرات جنوب دير الزور, وبدءاً من عام 1930, تم تشكيل بعثات سنوية حيث انجزت سبع حملات تنقيب بإدارة العالمين ((مايانس ولاكوست)) تمكنت من وضع المخطط الطبوغرافي والبيانات المفصلة للمباني الأثرية وفي عام 1965 تم انشاء مركز بلجيكي للبحوث الأثرية في أفاميا السورية, وذلك بطلب من المديرية العامة للاَثار والمتاحف, حيث تم اكتشاف كافة الصروح الأثرية الأساسية في المدينة.

السور: يحيط بالمدينة القديمة سور عظيم بطول 7 كيلومترات أي بمساحة داخلية حوالي 230 هكتاراً ومدعم بحوالي 100 برج استغرق بناؤه حوالي 100 سنة منذ عام 299, ويعود بناؤه إلى العصر اليوناني.

باب إنطاكية: يسمى الاَن القنطرة وهو قوس كبير له ثلاث فتحات, وهو مربوط بأبراج داعمة له وبجدران عريضة وتم اكتشاف تيجان أعمدة وركيزة مزخرفة لرواق على بعد حوالي ((6)) أمتار من سلسلة كاملة من المحال والمخازن الممتدة حتى ارتفاع متر واحد فقط نتيجة زلزال عام 115 ميلادية.

شارع الأعمدة: وهو شارع هائل يصل بين البابين الشمالي والجنوبي على طول المدينة بطول حوالي 2 كيلومتر وعرض يصل إلى 37,5 من الأروقة التي تحف به, يضم صفوفاً من الأعمدة مع تيجان الكورنيشة تتناوب مع الجذوع الملساء والملحزنة العمودية أو المفتولة, وتم إعادة بنائها بعد الزلزال اَنف الذكر في عهود الأباطرة وتراحان وأنطونيوس, ومرقس أوريلوس, ولوقيوس فيروس, وسبتيموس سيطيروس, وأرضية الشارع مبلطة ببلاطات كلسية رصفت بشكل متناظر على طرفي شريط مركزي فوق ردم يصل إلى 50 سم, وأول ما نشاهد على الجانب الشرقي من الشارع المعمد هو معبد الحوريات ثم المخازن ثم نجد باتجاه الجنوب على الجانب الغربي بقايا مسجد صغير قائم على ردم عال, وعلى بعد مئات الأمتار على جهة اليسار نجد المدخل الفخم للحمامات وعليه ذكر لعدد من الأباطرة الرومان وعلى بعد نحو 150 متراً على الجنوب ينتصب عمود تذكاري يصل ارتفاعه إلى 14 متراً يقوم على قاعدة مثلثية الشكل, يتخلل هذا الجزء من الشارع أحد مفاصل شبكة الطرقات الثانوية, والتقاطع مع شارع غربي شرقي, وبالقرب من هذا التقاطع تنتصب واجهة ضخمة باتجاه الشرق مثلثية الشكل ثم نجد دعامات ذات زخارف باخوسية نسبة إلى الإله ((باخوس)) ويمتابعة صف الأعمدة باتجاه الجنوب نصل إلى الأعمدة ذات التعزيزات المحلزنة, ويوجد اثنان منها الاَن, وبعد ذلك وفي وسط الشارع وبمقابل سلسلة الأعمدة كان يقوم معبد الإله ((تنيخي أوفورتونا)) وكانت الاَلهة الحامية للمدينة عندهم وإلى الجنوب من الهيكل توجد درب متعرجة ذات أروقة تربط الشارع الرئيسي بمفترق الطرق الرباعي الإتجاهات لمدخل الأغوار((معبد الإله زيوس)) ثم ينفتح الشارع قبل التقاطع إلى جهة اليسار على معبد الحوريات الضخم عند خلفية الرواق تحت قوس واسع الفتحة, حيث مصطبة رئيسية يصل قطرها إلى 5 أمتار كانت تشمل تماثيل من الرخام للاَلهة أثينا, وهي الاَلهة الحامية للبيت والقصر والمدينة وأوفروديت إلهة الحب عند اليونان واسكلبيوس إله الطب وهيجا إلهة الصحة واَريس إله الحرب وهيفستوس إله النار وسيد صنعة التعدين, وكانت تنتهي إلى حوض مستطيل ثم الخلاء العام الذي كان يضم مصطبة على امتداد الجدران, كانت تتسع لتسعين مقعداً وهناك أيضاً باحة معمدة بأعمدة كثيرة فيها أربع ممرات كانت نلبسة بالفسيفساء, ثم نجد طريقاً معبداً بالإسفلت بعدها نعود فنجد نحو 120 متراً, هي القطعة الأخيرة من شارع الأعمدة حيث اعيد نصب الأعمدة الكبيرة.

الأغوار ومعبد زيوس بيلوس: الأغوار هي ساحة واسعة يونانية طولها 150 متراً, وعرضها 45 متراً, وتتألف من ستة أعمدة تخرج من كأس ((أقنثا)) وهو نبات اتخذت أوراقه نموذجاً للنحت التزييني في الطراز الكورنثي وترتكز الأعمدة على قواعد عالية مزينة بنتوءات نادرة وتوجد مثيلاتها في قوس هادريانوس في جرش((الأردن)).

التريكلينوس(قصر الحاكم): كان يقع على بعد 400 من شارع الأعمدة من جهة الشرق وكان مؤلفاً من باحة معمدة بقي منها عمود واحد الاَن, حولها ثلاثة قطاعات كبيرة فخمة وتنتهي بحنية وهي انحناء في جدار الغرفة كان مخصصاً لوضع إله البيت أو المعبد..وكان لها درج جميل يعود إلى قاعات في الطابق الأعلى.

المساكن الخاصة: عادة يتم اهمال البيوت الخاصة في التنقيبات الأثرية لكن تم التركيز في أفاميا على هذا الجانب, واكتشفت بيوت بمساحة 2000 في تجمع سكني موجه للكاتدرائية يعود إلى القرن الثاني وكل بيت يضم طابقين وله باحة وسطها بحرة ماء وقاعة للضيوف مزينة ومبلطة بالرخام, وكانت الجدران مزينة وملبسة بمواد كلسية ورخامية بالإردواز وهي صخور رمادية اللون.

الكاتدرائية: ومساحتها حوالي 12000 متر مربع, لها رواق ضخم على الطريق الرئيسي الغربي الشرقي وكانت لها واجهة واسعة ذات ثلاثة أقواس تشابه واجهة قلعة سمعان العامود, ومدخلها مبلط في عهد الأسقف بولس عام 533 ثم باحة واسعة لها أروقة تعود إلى قاعة الكاتدرائية ويمتد من جهة الشرق منها مصلى طويل, وكان هناك مدخل لدرجة الهنوت ومدخل إلى عرش المطرانية وفي المقدمة ثمة قاعدة من الرخام الوردي تحمل أعمدة وكانت فيها أروقة جانبية لجوقات الكورس وتم الكشف فيها عن لوحات فسيفساء تضم مشاهد الصيد المدهشة والتزيينات الزخرفية وتيجان الأعمدة الجميلة, وكانت الكاتدرائية مركزاً للأسقفية وتشكل مع مجموعتي جرش والرصافة أضخم الأبنية الدينية الأكثر أهمية في الشرق المسيحي.

المسرح: تم بناء المسرح في الطرف الغربي من الطريق الشرقي الغربي الذي يتعامد مع شارع الأعمدة وهو على النمط الروماني وقطره حوالي 139 متراً ويكون بذلك أحد أوسع مسارح العالم القديم.

ء

-

الصفحة الرئيسية

 

مقالات حضارتنا

جميع الحقوق محفوظة © ل حياتنا hayatona.tk

ويجوز استخدام المقالات بشرط ذكر المصدر.